اكتشاف 3 أنظمة فصائل دموية جديدة عند متبرعين ينحدرون من منطقة الريف -الحسيمة-(فصيلة دم RIF)

توصل باحث مغربي من جامعة هارفارد إلى معلومات ثورية، حيث ساهم في اكتشاف فصيلةً جديدةً من الدم في سكان منطقة الريف في المغرب. هذا الاكتشاف الرائع يعدّ بابًا جديدًا لفهمنا لجسم الإنسان، مشابهًا بعظمته لاكتشاف كواكب جديدة في علم الفلك. وقد اكتشف دكتور محمود مقدار، الباحث المغربي، ليس فصيلةً واحدةً فقط من الدم الجديد، بل ثلاثة أنظمة فصائل دم جديدة مختلفة تمامًا!
تعد هذه الاكتشافات الهامة والمبهرة لهذا الباحث الشاب نقلة نوعية في مجال الطب، ستؤثر بشكل كبير على حياة الكثير من الناس حول العالم. فهي تساهم في جعل عمليات نقل الدم أكثر أمانًا للجميع، وبالتالي تساهم في إنقاذ الملايين من الأرواح سنويًا، حيث يتطلب نقل الدم في العديد من الحالات الطبية. ولا تقتصر أهمية هذه الاكتشافات على المستوى العالمي، بل تحمل أهمية خاصة للمغاربة، حيث يمثل محمود مقدار شباب المغرب المثقف.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية الحكومية في المغرب، بدأ محمود رحلته الأكاديمية في الكلية العامة المغربية، ثم انتقل لمتابعة التعليم العالي في إسبانيا ثم فرنسا قبل أن ينضم أخيرًا إلى جامعة هارفارد كباحث ما بعد الدكتوراه، حيث يتخصص في مجالات علم الدم والمناعة و الأمراض المعدية. من خلال هذه الاكتشافات الثورية ومسيرته التعليمية الملهمة، يعد محمود مقدار قدوة للأجيال القادمة في البلاد.

الدكتور مقدار وفريقه تمكنوا من حل لغز متعلق بنقل الدم استمر لأكثر من أربعين عاماً، وذلك بكشفهم عن مجموعة جديدة من فصائل الدم أطلقوا عليها اسم “PEL”, وقد تم نشر هذا الاكتشاف في المجلة العلمية المرموقة “بلود BLOOD” في عام 2020 . من خلال الجمع بين التسلسل الشامل للإكسوم والتحقيقات البروتيومية المقارنة، اكتشف الدكتور مقدار ومجموعته أن”ABCC4″ هو الجين المسؤول عن هذا النظام الجديد لفصائل الدم. كما أظهروا أن الأفراد السلبيين لـ “PEL” يعانون من تجمع صفائحي ضعيف، مؤكدين بذلك دوراً كان محل نقاش سابقاً لABCC4 في وظيفة الصفائح الدموية بالإضافة إلى ذلك، أظهر الدكتور مقدار أن الطفرات المفقودة للوظيفة في جين ABCC4 المرتبطة بنتائج اللوكيميا، غيرت من تعبير مستضد “PEL”. هذا يعتبر اختراقاً في الرعاية الشخصية في الأمراض الدموية السرطانية، حيث قد تفتح تحديد صفة “PEL” طريقاً جديداً نحو تعديل جرعات الدواء لعلاجات اللوكيميا.

تم الكشف عن الفصيلة المغربية في عام 2023 في جريدة EMBO Molecular Medicine، حيث تم إرسال عينة دم نادرة غير معروفة إلى مختبر CNRGS في فرنسا. كانت العينة من امرأة حامل من منطقة الريف في المغرب. نجح الباحثون في المختبر، بما فيهم محمود مقدار، في تحديد أن تحورًا معينًا في جين SLC44A2 يتسبب في تغيير في مجموعة الدم، مما أدى إلى تأسيس أول فصيلة دم في نظام مجموعة دم جديدة تمامًا. وهكذا تم الكشف عن نظام الدم CTL2، وتم الاعتراف به من قبل الجمعية الدولية لنقل الدم. وأطلق على الفصيلة الأولى من هذا النظام اسم RIF، وذلك تيمنًا بمنطقة الريف في المغرب من حيث أصل الحاملة الأولى. تم اكتشاف فصيلة دم أخرى في نظام CTL2 في مريض تم قبوله بسبب نزيف داخل الأنسجة في فيرونا، إيطاليا، وتم تسميته VER تيمنًا بمنطقة اكتشاف الحالة الأولى أيضًا. لقد أجريت فحوص أولية على مجموعة من الأشخاص ذوي أصول شمال أفريقية لتحديد فصيلة الدم RIF، و قد تم التعرف على أكثر من 16 شخصًا يحملون هذه الفصيلة من الدم، حيث اتضح أن جميعهم من منطقة الريف، وتحديدًا حول منطقة الحسيمة. فمن المتوقع أن يكشف إجراء مزيد من الفحوص على أفراد آخرين من المنطقة عن المزيد من الأفراد الذين يتشاركون في فصيلة الدم RIF.
و مجموعة الدم الثالثة، التي ساهم في اكتشافها محمود مقدار هي “Emm” و تم نشرها في مجلة BLOOD سنة 2021.
بناءً على ندرتها، تحمل هذه الفصائل من الدم عددًا قليلاً جدًا من الأفراد. ومع ذلك، يلعب تحديد هذه الفصائل دورًا حاسمًا في تطوير طرق مخصصة لنقل الدم للأفراد الذين يحملون فصائل نادرة، بهدف تفادي عدم توافق الدم خلال عملية نقله.
لضمان عملية نقل الدم بأمان، من الضروري تحديد فصائل الدم النادرة مثل هذه لتجنب التفاعلات بين دم المتبرع ودم المتلقي. سجلت حالات عدم توافق الدم بين النساء الحوامل وأجنتهن أثناء الحمل، مما أدى إلى وفاة الرضيع. يعمل البحث الجاري حاليًا على جعل تحديد فصائل الدم النادرة أكثر إمكانية في الإعدادات السريرية.

تعد مشاركة الباحث المغربي الشاب في هذه الاكتشافات مصدر فخر للأمة محفزا للأجيال الصاعدة.

بقلم : لينا بالحميدي و عمر بنونة


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *