بعد انتشار الحشرة القرمزية بشكل خطير في مجموعة من دواوير المنتمية إلى جماعة إمرابطن،وما يمكن أن ينتج عنها من مخاطر على المستوى البشري والاجتماعي والاقتصادي، طرحت مجموعة من التساؤلات بخصوص أدوار الفاعلين المؤسساتيين في مواجهة هذا المرض الذي يفتك بفاكهة الصبار الموسمية من جهة، وما يشكله من خطر على صحة الساكنة من جهة أخرى.
إلى جانب الإدارة الإقليمية المكلفة بالفلاحة بالحسيمة التي لم تعر أي إهتمام لحل مشاكل ساكنة جماعة إمرابطن على سبيل المثال جراء ما تعانيه فلاحتهم المعيشية، من قبيل ( تقديم نصائح فلاحية، وأدوية لرش المغروسات، وأدوات الحرث والغرس…… وغيرها)، للنهوض بالمهام الملقاة على عاتقها من جهة، و مساعدة الفلاح البسيط لمواجهة الظروف الصعبة التي يمر منها من جهة أخرى، كما نجد أن إحدى أصناف الوحدات الترابية،المتمثلة في الجماعة هي كذلك تتهرب من تفعيل اختصاصاتها التي أسند لها من طرف المشرع خصوصا في هذا المجال.
فالوحدات الترابية بما فيها الجهات ومجالس العمالات والأقاليم والجماعات، تتولى طبقا للقوانين التنظيمية لها (111.14، 112.14 ،113.14 )، ممارسة مجموعة من الاختصاصات التي يمكن من خلالها مواجهة الأوبئة بشتى أنواعها للحد من إنتشارها، وكذا المساهمة في حماية الأشخاص والنباتات والغابات والأغراس والبهائم طبقا للقوانين الجاري بها العمل.
ولتوضيح أدوار هذه الوحدات الترابية، خاصة ما يتعلق بالجماعة وتدخلاتها في محاربة الأوبئة التي يمكن أن تفتك بالإنسان والمغروسات والحيوان، سنتولى تحديد وتحليل الاختصاصات المتربط بها.
طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، تتولى “الجماعات تقديم خدمات القرب” بإعتبارها أقرب وحدة ترابية للساكنة، وتقوم بممارسة إختصاصات ذاتية الباب الثاني من القانون التنظيمي، و اختصاصات مشتركة مع الدولة في إطار تعاقدي الباب الثالث من نفس القانون،واختصاصات منقولة بناءا على مبدأ التفريع مراعيا في ذلك مبدأ التدرج والتمايز الباب الرابع من نفس القانون كذلك.
و من بين الاختصاصات الذاتية التي تقوم بها الجماعة عادة، ويجب أن تقدم بشكل جيد وأفضل لمحاربة هذا الحشرة القرمزية التي تفتك بفاكهة الصبار الموسمية التي تعود بدخل لا بأس به على الفلاحين البسطاء، وما تشكله كذلك من خطر على حياة الساكنة والبهائم نذكر منها على سبيل الحصر:
* توزيع الماء الصالح للشرب، من خلال الحرص على تزويد جميع دواوير امرابطن بهذه المادة الحيوية، نظرا لأهميته، خصوصا في هذا الظرف الصحي الذي نعيش فيه يتطلب استعمالا كبيرا، لكن وفق المعطيات الرقمية نجد أن غالبية ساكنة الجماعة مازالت تلجأ إلى مياه المجاري والأبار غير المراقبة التي تشكل خطرا على صحتهم نظرا لقلة جودتها.
* تطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة، (جماعة تماسينت كنموذج)، تعاني الويلات مع مياه الصرف الصحي إلى يومنا هذا بسبب عدم توفر البلدة على قناة معالجة المياه العادمة، هذا أثر بشكل كبير على حياة الساكنة عامة بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث منها، وحياة الفلاح خاصة الذي فقد أراضيه الزراعية بسبب تسرب المياه الملوثة إليها وبالتالي أًصبحت غير صالحة للزارعة.
* حفظ الصحة، على الجماعة أن تكون حريصة كل الحرص على هذا المرفق بغية تقديم خدمات طبية في المستوى المطلوب للمرضى و مواكبتهم، زيادة على ذلك يجب على الجماعة أن تساهم في تطوير القطاع الصحي بإضافة تخصصات أخرى، عوض الابقاء على تقديم الاسعافات الأولية فقط.
في حالة وجود خلل مالي بالنسبة للجماعة، على أنها من الجماعات الفقيرة و مواردها جد ضعيفة من حيث المردودية، يمكنها الاستفادة من التعاضد بين الجماعات وذلك عن طريق إسناد ممارسة بعض الاختصاصات لمجالس العمالات والأقاليم طبقا للشروط المنصوص عليها في ” المادة 84 من الفصل الثاني من القانون التنظيمي للجماعات والمتعلق بالمرافق والتجهيزات العمومية والجماعية”، وكذا ” المادة 6 من القانون التنظيمي لمجالس العمالات والأقاليم التي تنص على أنه طبقا لمقتضيات البند التاسع من الفصل 146 من الدستور المتعلق بإحداث آليات لتكييف التنظيم الترابي لتعزيز التعاون بين الجماعات، يعهد للعمالة أو الإقليم القيام بما يلي”:
* صلاحية ممارسة بعض الاختصاصات بالوكالة عن كل أو بعض الجماعات الموجودة بترابها إذا تبينت نجاعة ذلك، إما بمبادرة من الجماعات المعنية أو بطلب من الدولة التي تقدم تحفيزات لهذه الغاية.ويشترط في جميع الحالات موافقة مجالس الجماعات المعنية.
* تتم هذه الممارسة في بالوكالة أو في إطار تعاقدي.
* القيام في نطاق احترام الاختصاصات الموكولة إلى الجماعات الترابية الأخرى وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، بكل عمل لتشجيع التعاون والتشاور والتكامل بين العمالة والإقليم والجماعات الموجودة بترابها في كل ما يرتبط بالإشراف المنتدب على المشروع، حسب شروط ومساطر تحدد بمرسوم.
+ على مستوى الاختصاصات المشتركة، التي تمارس بين الجماعة والدولة في إطار تعاقدي، إما بمبادرة من الدولة أو بطلب من الجماعة، فالجماعات يجب أن تساهم في صيانة المستوصفات الصحية الواقعة في مجالها الترابي.
و إلى جانب العديد من الاختصاصات التي تتولى ممارستها الجماعات، فالقانون التنظيمي 113.14 يرخص لرؤساء مجالس الجماعات صلاحيات الشرطة الإدارية في مجالات الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية بواسطة تدابير الشرطة الإدارية فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع، ومن بين الصلاحيات التي يجب على المجلس الجماعي تفعيلها بشكل كبير وآني في هذا الظرف لحماية المغروسات الفلاحية وصحة أفراد البلدة،نذكرعلى سبيل الحصر ما يلي:
* القيام ببناء قناة لمعالجة مياه الصرف الصحي.
* تنظيم الأنشطة التجارية والحرفية والصناعية غير المنظمة التي من شأنها أن تمس بالوقاية الصحية والنظافة وسلامة المرور والسكينة العمومية أو تضر بالبيئة والمساهمة في مراقبتها.
* السهر على نظافة المجاري المياه والماء الصالح للشرب وضمان حماية مراقبة نقط الماء المخصصة للاستهلاك العمومي.
* اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب أو مكافحة انتشار الأمراض الوبائية أو الخطيرة، وذلك طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
إذا تمعنا جيدا في القانون التنظيمي، سنجد هناك اختصاصات متعددة ومتنوعة أتاحها المشرع العادي والدستوري للجماعات لمواجهة الأمراض الوبائية الخطيرة، وبالتالي تبقى هي المعنية بشكل مباشر و بالدرجة الاولى في اتخاذ التدابير اللازمة لحفط الصحة و مكافحة انتشار العدوى في نطاقها الترابي،عكس أصناف الأخرى من الوحدات الترابية ( العمالات والأقاليم والجهات) التي ليست لها صلاحيات مباشرة لمواجهة الأوبئة.
لذا، على الجماعات أن تجتهد في إبتكار آليات لمواجهة الظروف الطارئة، خاصة ما يتعلق بالأوبئة، وكذا أن تكون قريبة من الساكنة لتحقيق حاجياتها الأساسية من جهة، وتقديم تقديم مساعدات نوعية وكفية للفلاح البسيط من جهة أخرى، مع أخذ بأرائه و مقترحاته التي تصب في مجال إهتماماته الفلاحية، بمعنى أخر تنزيل حقيقي واقعي لمفهوم جماعة القرب.
اترك تعليقاً