الــــريـــف يـــرتــــدي الأبــــيــــض

تساقطات غير مسبوقة تضاعف معاناة المناطق الجبلية وبرامج دعم بطيئة
يعيش إقليم الحسيمة، منذ أيام، ظروفا مناخية استثنائية بسبب البرد القارس، إثر تساقط الثلوج فوق مرتفعات الريف، وانخفاض درجة الحرارة بشكل غير عاد.

وشهدت مناطق كتامة وشقران وغيرها من المرتفعات تساقطات ثلجية مهمة، ووجد السكان صعوبة كبيرة في مواجهة موجة البرد القارس التي حملتها التساقطات الثلجية، خاصة أن هناك خصاصا كبيرا في مادة خشب التدفئة.

وتضاعفت معاناة سكان مختلف المناطق الجبلية بإقليم الحسيمة، بفعل البرد القارس الذي ضرب المناطق سالفة الذكر، الناتج عن التساقطات الثلجية بمواقع مختلفة، سيما تلك الممتدة من تاركيست حتى حدود إقليم تاونات، كإساكن وتبرانت وبني أحمد أموكزن، وكذا المناطق الواقعة بدائرة بني ورياغل. ولم يجد سكان العديد من الدواوير بمناطق كتامة وإساكن وبني حذيفة وتامساوت وتبرانت وعبد الغاية السواحل وشقران، من حطب للتدفئة إلا ما يوفرونه بجهودهم الخاصة من وسائل تقليدية وضعيفة وغير كافية للوفاء بحاجياتهم.

وأدى انقطاع بعض المسالك الطرقية التي تربط هذه المناطق بالعالم الخارجي إلى خصاص في المواد الغذائية، حيث بات بعض السكان شبه معزولين عن العالم الخارجي بسبب الثلوج، التي حالت دون تنقلهم في اتجاه المراكز الحضرية، للتزود بحاجياتهم ولقضاء مآربهم، خاصة أن أشكال الاقتصاد المعيشي لمناطق الريف تعتمد بالأساس على التزود بالحاجيات الأساسية للسكان من الأسواق.

واستنفرت مختلف السلطات مواردها البشرية واللوجيستيكية في سباق مع الزمن لإزاحة الثلوج وفتح بعض المسالك والطرق المقطوعة في وجه حركة المرور، بفعل الثلوج التي تهاطلت بكمية مهمة، وجعلها رهن إشارة المواطنين، فيما رفعت من جهة ثانية حالة التأهب استعدادا لأي طارئ طبيعي قد تكون عواقبه وخيمة على السكان القاطنين بالجبال المحاصرة بسدود التهميش.

وبقدر استبشار الناس خيرا بتساقط الثلوج، يزداد أرقهم وتخوفهم من تبعات الانخفاض الكبير في درجة الحرارة إلى مادون 10 درجات أحيانا، خاصة أمام ما يتكبدونه من مصاريف استثنائية لتوفير مايقيهم شر البرد القارس وأمراضا قد تفتك بهم أوتصيب أجسادهم.

وتختلف طرق تعامل سكان الجبال بالريف، مع الظروف المناخية السيئة التي يعيشونها كلما تساقطت الثلوج وانخفضت درجة الحرارة، سيما بدواوير وتجمعات متناثرة، خاصة عند أسفل بعض الجبال وفي قممها.

وإذا كانت الأسر الميسورة محظوظة بتوفرها على إمكانيات شراء وسائل التدفئة بالكهرباء والغاز، فإن جل الأسر متوسطة الدخل أو الفقيرة، تعتمد على وسائل تقليدية في التدفئة باقتناء الحطب بأسعار مرتفعة.
وتتكبد نساء المناطق التي تكسوها الثلوج معاناة لا تنتهي وتزداد إيلاما، لما يتعلق الأمر بذوات احتياجات، خاصة اللواتي يقطعن مسافات لأجل حقهن في الحطب والماء، طالما أن الاستغناء عنهما مستحيل في ظروف تحتاج زادا وأسلحة مقاومة للبرد والعطش بمناطق يفتتن الجميع بجمالها.

ولا تؤجل قساوة البرد أشغال شاقة تتحملها النساء، إذ تجدهن منشغلات بتنظيف الملابس في مياه الوادي الباردة جدا، قبل أن يقمن بحمل الحطب وعلف الماشية من بعض الحقول ويربطن ذلك بحبل إلى ظهورهن وبطونهن، أو استعمالهن بغالا لقضاء بعض الأغراض، في الوقت الذي يخرج فيه الأطفال كل صباح لتفقد أحوال الطقس، ويتقافزون أمام أبواب البيوت، بأرجل باردة وأياد مزقت جلدها قساوة البرد، كما هو الحال لبشرة وجوههم الصغيرة.

جمال الفكيكي


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *