المجلس الأعلى للحسابات يكشف عن عدد المشاريع المتأخرة في الانتهاء

أكد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الصادر يومه الثلاثاء، برسم 2022-2023, أن الجماعات الترابية بالمملكة، استفادت في إطار مقاربة مندمجة للتنمية الترابية، من عدد من الاستراتيجيات والبرامج التنموية ذات البعد الوطني أو الترابي، والتي ساهمت في إطلاق دينامية ترابية أدت إلى تغيير نسيج ومعالم الحواضر الكبرى، وإلى الرفع من جاذبيتها، وإلى تعزيز مؤشرات تنمية مختلف المراكز الصاعدة، عبر تقوية البنيات التحتية وتحسين ظروف عيش الساكنة، ودعم الولوج إلى مجموعة من المرافق والخدمات الأساسية، وكذا عبر إحداث الشروط الملائمة لجلب وتحفيز الاستثمارات وإنعاش مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..

وأوضح المجلس في تقريره الصادر في الجريدة الرسمية، أن المجالس الجهوية للحسابات، سجلت بإيجابية، مجموعة من الممارسات الجيدة التي بادرت بعض الأجهزة العمومية خلال السنوات الأخيرة إلى اتباعها، كاعتماد نظام حكامة يرتكز على لجان موضوعاتية فرعية منبثقة عن اللجان الأساسية، وإحداث وحدة إدارية للهندسة البيئية والاجتماعية للمشاريع، واعتماد أدوات وآليات مبتكرة للتدبير، والتتبع كالمنصات الرقمية ونظم المعلومات الجغرافية، مما ساهم في تحسين النواتج الكمية والكيفية لهذه البرامج والاتفاقيات، فإنه يسجل كذلك مجموعة من الملاحظات والإكراهات والنقائص التي حالت، في بعض الأحيان، دون تنزيل هذه البرامج والمشاريع واستغلال مخرجاتها على أكمل وجه.

وأضاف، أنه انطلاقا من المعطيات التي تم الإدلاء بها من قبل عمالات وأقاليم المملكة، تم منذ سنة 2010 اعتماد ما مجموعه 236 برنامجا واتفاقية تتعلق بالتنمية الترابية المندمجة، توزعت على جميع جهات المملكة، وخصصت لها استثمارات عمومية تزيد عن 225 مليار درهم، منها 78 برنامجا واتفاقية إطار حظيت بالتوقيع عليها أمام أنظار الملك محمد السادس، والتي مثلت ما يزيد عن نسبة 80% من إجمالي الغلاف المالي المرصود لمجموع هذه البرامج والاتفاقيات التي تم حصرها.

وكشف التقرير، أن البرامج والاتفاقيات الإطار التي حظيت بالتوقيع عليها أمام أنظار الملك محمد السادس، والبالغ عددها 78، استهدفت إنجاز 11.049 مشروعا، رصد لها غلاف مالي يفوق 180.5 مليار درهم، وقد تميزت هذه البرامج والاتفاقيات، فضلا عن أهمية أغلفتها المالية وتعدد الشركاء الموقعين عليها والمتدخلين في تنفيذها، بكونها همت جميع جهات المملكة سعيا نحو تحقيق توازن في مستويات التنمية بين مختلف المجالات الترابية للمملكة، مع مراعاة العدالة المجالية والاجتماعية في توزيع الاستثمارات والموارد العمومية.

واستفادت جهة العيون الساقية الحمراء، من أعلى غلاف مالي يزيد عن 46.14 مليار درهم في إطار برنامجين اثنين من أجل إنجاز 223 مشروعا، يتعلق الأمر ببرنامج التنمية المندمجة لجهة العيون الساقية الحمراء، باستثمار عمومي يزيد عن 43.34 مليار درهم واتفاقية إطار تتعلق بتمويل شطر الطريق السريع تزنيت – الداخلة المتواجد بتراب الجهة،
بغلاف مالي محدد في 2.8 مليار درهم، تليها جهة الدار البيضاء سطات بغلاف مالي قدره 33.26 مليار درهم من أجل إنجاز 776 مشروعا في إطار عشرة برامج واتفاقيات إطار، أهمها برنامج بناء نظام نقل عصري بغلاف مالي محدد في 16 مليار درهم، ثم جهة طنجة تطوان الحسيمة بغلاف مالي يفوق 20 مليار درهم من أجل إنجاز 3.057 مشروعا في إطار سبعة برامج، أهمها برنامج التنمية المندمجة والمتوازنة لطنجة الكبرى الذي خصص له غلاف مالي يزيد عن 7.66 مليار درهم وبرنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة بغلاف مالي يزيد عن 6.51 مليار درهم.

أما بخصوص توزيع هذه البرامج بحسب موضوعها وطبيعتها، فإن جلها يدخل في إطار برامج مندمجة متعددة الأبعاد والمجالات أبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية وبنيات تحتية أساسية ومهيكلة بنسبة تزيد عن 70% (126,4) مليار درهم، متبوعة باتفاقيات تأهيل المدن العتيقة والتي خصص لها أزيد من ستة ملايير درهم، من أجل رد الاعتبار للنسيج العمراني والتراثي للمدن المعنية، لاسيما مدن فاس ومكناس وسلا ومراكش والصويرة وتطوان، والرفع من جاذبيتها وإنعاش الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياحية بها مع تحسين ظروف عيش الساكنة وتعزيز ولوجها للخدمات والمرافق الأساسية، علما أن مشاريع تأهيل بعض المدن العتيقة، مثل الرباط والدار البيضاء، تم تضمينها في إطار برامج متعددة الأبعاد تتضمن محاور أو اتفاقيات فرعية ترتبط بهذا المجال.

من ناحية التنفيذ المادي، عرف 32 برنامجا واتفاقية من أصل 78 برنامجا، الانتهاء التام من الإنجاز المادي لكافة أشغال مشاريعها بغلاف مالي أولي يناهز 16,62 مليار درهم، أي حوالي 9% من الغلاف المالي الإجمالي لمجموع البرامج والاتفاقيات الموقعة أمام أنظار الملك، علما أن الفترات التوقعية لتنفيذ هذه البرامج تمتد بين سنتي 2010 و2019.
وأشار التقرير إلى أن 34 برنامجا مندمجا بغلاف مالي قدره 147,4 مليار درهم لا تزال قيد التنفيذ، على الرغم من أن الفترات التوقعية للانتهاء من تنفيذها تمتد بين سنتي 2012 و2024، في حين لم يتم الشروع في تنفيذ برنامجين اثنين يهمان جهة الدار البيضاء – سطات تم التوقيع عليهما خلال سنتي 2014 و 2015، وكان متوقعا الانتهاء من تنفيذهما عند متم سنة 2020، ويتعلق الأمر ببرنامج توحيد وملاءمة نطاقات ومحيط تدبير الخدمات المتعلقة بتوزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير السائل في جهة الدار البيضاء الكبرى، وبرنامج حماية وتثمين تراث مدينة الدار البيضاء.

وتابع التقرير، أن 10 برامج واتفاقيات بقيمة مالية إجمالية تبلغ 16.5 مليار درهم، تعرف تأخرا في استكمال تنفيذ مجموع مشاريعها، بعد تجاوز الجداول الزمنية المحددة لإنجازها.

وقال التقرير، إن كان هذا التأخر في الانتهاء من تنفيذ جزء من مشاريع بعض البرامج، كما هو الشأن بالنسبة للمخطط الاستراتيجي للتنمية المندمجة والمستدامة لإقليم القنيطرة 2015-2020 والبرنامج الجهوي المندمج للتأهيل
الاجتماعي بالدار البيضاء الكبرى 2015-2020، يعزى لمبررات ترتبط بانعكاسات القيود المفروضة على مختلف الأنشطة أثناء تفشي جائحة “كوفيد – 19” وبتداعياتها على برمجة وتنفيذ بعض المشاريع والنفقات بميزانيات الأجهزة العمومية المعنية، فإن برامج أخرى، كان يفترض الانتهاء من تنفيذها منذ مدة، مازالت تعرف تعثرات في التنفيذ، كما هو الشأن بالنسبة لاتفاقية الشراكة لتأهيل وتنمية إقليم خنيفرة 2008-2011، وبرنامج التأهيل الاجتماعي المندمج العمالة المضيق – الفنيدق 2012-2009، واتفاقية الشراكة لتأهيل وتنمية مراكز الجماعات بإقليم الرحامنة 2015-2017.

وأردف التقرير، أن تراب المملكة عرف منذ سنة 2010 تنفيذ برامج واتفاقيات أخرى تروم تحقيق تنمية ترابية مندمجة وشمولية تم حصر عددها في 158 برنامجا بغلاف إجمالي يناهز 45 مليار درهم موزعة على تسع (9) جهات، ومن حيث طبيعة موضوعها، فإن نسبة مهمة من البرامج الموقعة تخص برامج التأهيل الحضري بنسبة 48% من الغلاف المالي، أي ما يعادل 18 مليار درهم، تليها برامج متعددة الأبعاد بنسبة 33% (حوالي 12,2 مليار درهم) ثم البرامج الاجتماعية بنسبة 10% (أي ما يعادل 3.7 مليار درهم، أما من ناحية وضعية تنفيذها المادي، فقد تبين أنه من أصل 158 برنامجا، لم يتم الانتهاء من إنجاز أشغال مجموع المشاريع المبرمجة سوى بالنسبة ل41 برنامجا خصص لها غلاف مالي إجمالي يناهز 6.3 مليار درهم أي ما نسبته 14% من الغلاف المالي الإجمالي)، فيما لا يزال 83 برنامجا في طور التنفيذ بغلاف مالي يزيد عن 31.8 مليار درهم، كما أن 34 برنامجا تعرف تأخرا في التنفيذ، إما لعدم الشروع في تنفيذها كليا أو لتأخر إنجاز جميع مكوناتها رغم انصرام مدد طويلة على انتهاء المدة التوقعية للإنجاز، حيث بلغت مدة التأخير في بعض الأحيان 10 سنوات كبرنامج التأهيل الاجتماعي المندمج للجماعة الحضرية” مرتيل الذي كان من المرتقب الانتهاء من أشغاله سنة 2013 في حين لا تتجاوز نسبة تقدم تنفيذه1 في المائة.

ويبلغ الغلاف المالي لهذه البرامج والاتفاقيات غير المنجزة كليا أزيد من 6.9 مليار درهم، منها 18 برنامجا لم يتم الشروع في تنفيذ أشغالها بغلاف مالي إجمالي يناهز مليار درهم، وقد تركزت أغلب البرامج التي لم يتم الشروع في تنفيذها في جهة بني ملال خنيفرة بمبلغ يناهز 979 مليون درهم، ويهم التأخر تفعيل برامج تعزيز وتأهيل البنية التحتية الصحية بالجهة برسم الفترة 2020-2024.

وأوصى المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره بضرورة الحرص على ضمان التقائية وانسجام برامج واتفاقيات التنمية الترابية المندمجة، من خلال الأخذ في الاعتبار التوجهات الاستراتيجية للسياسة العمومية لإعداد التراب وباقي وثائق التعمير، وكذا برامج الدولة والاستراتيجيات القطاعية وباقي وثائق التخطيط الترابي للجماعات الترابية، قصد تحقيق تدخلات مندمجة ومتكاملة وتفادي ازدواجية البرامج المشاريع، مع ضرورة إعداد جيل جديد من الاتفاقيات البرامج، تحدد بكيفية دقيقة آليات وأجهزة الحكامة ومواكبة التنفيذ وكيفية اشتغالها وبنيتها التمويلية والوضعية القانونية للأوعية العقارية.

وطالب المجلس، بتوخي الدقة في تشخيص الاحتياجات الترابية خلال مرحلة الإعداد، عبر الاعتماد على المعطيات المحينة والبيانات الإحصائية المتوفرة لدى مختلف القطاعات والهيئات الرسمية، وذلك بناء على نظام معلوماتي ترابي يتم تحيينه بشكل منتظم، مع التركيز على الأولويات وتجويد آليات الاستهداف عوض المقاربة الكمية التي قد تؤدي إلى تشتيت الجهود والاعتمادات المالية دون تحقيق الأثر المرجو.

وأوصى المجلس، بضرورة وضع لوحة قيادة استشرافية لكل برنامج تنبني على نظام معلوماتي متكامل، يتضمن أهدافا واضحة ومؤشرات قابلة للقياس وموثوقة، وتحليل أي فارق حاصل بين المؤشرات المستهدفة والمؤشرات المتحققة، مع تعيين مسؤولين مكلفين بالإشراف على تنفيذ البرامج وقيادة وتتبع تنفيذها، في إطار وحدة إدارية مختصة، مع ضبط الالتزامات المالية وغير المالية للأطراف المعنية، ببرامج واتفاقيات التنمية الترابية من خلال التحقق القبلي، من القدرة التمويلية للشركاء ومن تقييدها ضمن حساباتهم وميزانياتهم، مع الحرص على التوفير المسبق للأوعية العقارية المحتضنة للمشاريع وتحديد الجدولة الزمنية لتنفيذ الأشغال بشكل دقيق وواقعي.

كما أوصى المجلس، بتفعيل أدوار اللجان الدائمة على مستوى العمالات والأقاليم، لتتبع وتنفيذ اتفاقيات ومشاريع التنمية وتوجيه محاضرها للمصالح المركزية لوزارة الداخلية، بشكل يعكس مراحل تقدم المشروع والصعوبات التي تعترضه، مع الحرص على التكوين المستمر للموارد البشرية المكلفة بتدبير المشاريع، واستغلال المشاريع مباشرة بعد إنجازها وتسلمها عبر صياغة نموذج تدبيري لها مسبقا عند مرحلة التخطيط، مع السهر عند الاقتضاء، على برمجة اعتمادات مالية تخصص لتشغيلها وصيانتها، وتعزيز المنظومة القانونية بشأن مسطرة إعداد وتنفيذ وتقييم برامج واتفاقيات التنمية الترابية المندمجة، خاصة تلك الموجود على مستوى العمالات والأقاليم.

المجلس الأعلى للحسابات المغرب الملك محمد السادس


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *