“لم الشمل العربي” و”استضافة الأشقاء العرب” و”تقليص الهوة بين الدول العربية”… شعارات “جميلة” شرعت أبواق “قصر المرادية” في إطلاقها بهدف التمهيد “النفسي والسياسي والإعلامي” للقمة العربية، المرتقب تنظيمها في الجارة الشرقية للمملكة في بداية شهر نونبر المقبل.
إطلاق الكلام المعسول والشعارات الرنانة بخصوص “الأخوة العربية” و”المصالحة العربية” ليس هناك ما هو أسهل منه؛ فيكفي أن تكون لصاحبه “جبهة عريضة”، و”لسان طويل” و”عين لا ترف”.. وقبل أن ذلك كله يكفي أن تكون “تبون”، (أقصد اسم الرئيس الجزائري الحالي).
وكم هو معبر المثل الشعبي المصري الرائج “أسمع كلامك أصدقك أشوف أفعالك أستغرب”.. وهو ما ينطبق تماما وأكثر من ذلك على نظام “كابرانات الجزائر”، الذي “يصبح مؤمنا ويمسي كافرا” بما تقتضيه هذه “الأخوة العربية المزعومة” وهذا “اللم العربي”.
ومن يسمع كلام قيادات الجزائر بخصوص القمة العربية وفرص نجاحها في لم الشمل العربي يعتقد أنهم يتحدثون عن دول الاتحاد الأوروبي، وليس عن واقع جسد عربي عليل يعرف القاصي والداني مدى “تشتته وتمزقه” سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
طبعا، لا أحد يكره أن يجتمع الشمل بين العرب، وأن يرمموا الأعطاب السياسية التي تكبل تطور بلدانهم.. لكن العيب هو أن يستغبي البعض الباقين بأن مجرد عقد قمة يحضرها زعماء البلدان العربية بإمكانه أن يلم الشمل العربي، هكذا بـ”جرة لسان”، أو لأن “تبون” أراد ذلك.
كيف يمكن لم الشمل بعقد قمة عربية في أرض دولة نظامها يصب الزيت على النار في العلاقات مع الدول العربية؟.. ومثال مصر ليس بعيدا، فكيف يمكن فهم التقارب بين الجزائر وإثيوبيا سوى كونه محاولة من أجل “رد الصفعة” على القاهرة التي عبرت عن تأييدها للمقترح المغربي لحل نزاع الصحراء؟.
هل هذا هو لم الشمل العربي؟.
وليس خافيا على أحد أن الدبلوماسية المصرية تنظر بعدم الرضا إلى التقارب اللافت بين الجزائر وإثيوبيا، الذي أتاح لأديس أبابا فرصا سياسية للتحرك أمام الأزمة المندلعة بين مصر وإثيوبيا.. وهذا كله أفضى إلى فتور وجمود ملحوظ بين القاهرة والجزائر..
هل هذا هو لم الشمل العربي؟..
هذا البلد الذي يستضيف القمة العربية هو نفسه الذي يحاول صباحا ومساء تمزيق عُرى الجوار مع جاره القريب؛ يبحث عما يضايقه، ويحرص على إيذائه، ويكيل التهم له بمناسبة أو بدون مناسبة..
هل هذا هو لم الشمل العربي؟..
وتكفي قراءة عناوين صحف معروفة بتبعيتها لنظام الجنرالات في الجارة الشرقية للمملكة، وأيضا يكفي الاستماع إلى تحليلات “خبراء السياسة” في هذا البلد لنعلم أن الشعارات لا يمكن أن تنطلي على أحد.
هل هذا هو لم الشمل العربي؟..
منذ أيام قليلة انبرى، في برنامج تلفزيوني في قناة جزائرية، محلل تم تقديمه على أنه خبير سياسي ليكيل للمغرب تهما “غريبة” اعتقدت شخصيا أنه يتحدث عن بلد آخر غير الذي أعيش بين ظهرانيه..
قال المحلل “كاري حنكو” إن المغرب يعيش على صفيح ساخن، بسبب الاحتقان الشعبي وتنظيم مسيرات احتجاجية ضد الحكومة..
صراحة، ذهلت من هذا “الاكتشاف العجيب”؛ لكنني لا أعرف، حتى اللحظة، عن أية مسيرات شعبية يتحدث هذا “النكرة”. ولما شعر بالحرج انتقل إلى الحديث عن التطبيع مع الكيان الصهيوني، لعله يعثر على “متعاطف بئيس” بين جمهور القناة اليائسة.
هل هذا هو لم الشمل العربي؟..
وعند تصفح عناوين صحف النظام الجزائري في هذه الأيام، وفي عز حشد قصر المرادية للقمة العربية، يمكن قراءة عناوين من قبيل: “سلطانة خيا تفضح الاحتلال المغربي بالبرلمان الفرنسي”، و”المغرب لا يزال متمردا” (يزعمون التمرد على المساعي الدولية لحل نزاع الصحراء)، و”قائد جيش المغرب يحضر مناورة إسرائيلية تحاكي اقتحام قرى فلسطينية ولبنانية”، و”حجز كميات معتبرة من المخدرات عبر الحدود مع المغرب”… و”زيد وزيد” كما يقول المغاربة..
هل هذا هو لم الشمل العربي؟..
كيف لجاري أن يطعنني ويأكل من لحمي ويغتابني ويسعى إلى اغتيالي بكل ما يملك، أن يمتلك كل هذه الجرأة (حتى لا أقول شيئا آخر) ويتحدث عن “لم الشمل العربي”..
لمْلِمْ شملك أولا يا “تبون”، قبل أن تلملم شمل “أشقائك العرب”!!!
اترك تعليقاً