تلويح الاتحاد الاشتراكي بتفعيل ملتمس الرقابة للإطاحة بالحكومة.. هل هي خطوة سياسية أم دعاية انتخابية سابقة لأوانها؟

جدد ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، موقفه السياسي الرامي الى تقديم ملتمس الرقابة ضدّ الحكومة وذلك تأكيدا لمضامين اجتماع المجلس الوطني للحزب المنعقد يوم أمس بالرباط ، فيما ليست المرة الأولى الذي يلوح لشكر رفقة مناضلي القوات الشعبية بهذا النوع من المساطر التشريعية .

لشكر لفت خلال مروره في البرنامج الإذاعي “ديكريبتاج” ، كشف إعتزامه الذهاب نحو تفعيل ملتمس الرقابة الرامي إسقاط الفريق الحكومي الأغلبي .

موقف القيادي الحزبي يتماشى مع خلاصات الإجتماع الحزبي ليوم أمس بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، والذي دعا إلى “بناء جبهة للمعارضة من أجل حماية التوازن المؤسساتي وصيانة الخيار الديموقراطي”.

ولفت الإطار الحزبي في بيانه السياسي الذي عمم على الصحافة ، إلى أنه انطلاقا من مقتضيات الفصلين 105 و106 من الدستور، فإنه يدعو “إلى التفكير في تقديم ملتمس رقابة بالنسبة لمجلس النواب، وكذا تقديم ملتمس مساءلة الحكومة بمجلس المستشارين”.

ووفق الموقف الحزبي يعي الاتحاد “بأن المعارضة لا يمكنها الإطاحة بالحكومة لأن أغلبيتها تجعل الأمر شبه مستحيل، ولكن المعارضة عبر التاريخ كانت دائما تقدم هذا الطلب وهي واعية بأنها لا تملك الإطاحة بالحكومة، وهي مناسبة لدعوة الحكومة للدفاع عن نفسها”.

وكشف الإتحادييون عن مبادرة تنسيق مع حزب التقدم والاشتراكية، والتي تم من خلالها توقيع وثيقة التصريح السياسي المشترك، مشددا على أنها “خطوة في اتجاه تقوية العمل الهادف والبناء مع كل الفرقاء السياسيين والنقابيين والمدنيين المتطلعين إلى إعطاء نفس أقوى لمسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحتاجها بلادنا”.

في ذات السياق ، وبالعودة الى تاريخ التصريحات الحزبية لرفاق بوعبيد ، ليست المرة الاولى الذي يلوح إدريس لشكر بمسطرة ملتمس الرقابة والتي تعد إحدى المساطر البرلمانية النادرة التنزيل بين الأحزاب الممثلة داخل مجلس النواب ، إذ دعا القيادي الإشتراكي في ذات البرنامج الإذاعي ، سنة 2019 لاستخدام الملتمس لإسقاط حكومة العثماني .

كما دعا سنة 2021 عبر القناة البريطانية الإخبارية بي بي سي لتفعيل الملتمس رغم إعترافه بتقييد الأغلبية لهذا المقترح بسبب طبيعة فسيفساء التحالف الحكومي.

ولم يسلم عبد الإله بنكيران خلال قيادته الدفة الحكومية ، من تهديد القيادي الإشتراكي خلال لقاء حزبي ماي 2015 برفع ملتمس الرقابة لإسقاط الأغلبية الحكومية آنذاك.

ولم يعرف التاريخ البرلماني للمغرب، إلا محاولتين لتقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة، كانت أولهما ضد أول حكومة دستورية برأسة أحمد أبا حنيني، حيث تقدم فريق الإتحاد الوطني للقوات الشعبية في مجلس النواب بملتمس رقابة يوم 15 يونيو 1964، بهدف مسائلة الحكومة وسحب الثقة منها ودفعها إلى تقديم الإستقالة الجماعية بحكم الدستور، وخاصة الفصل 81 من دستور 1962 .

أما ثاني تفعيل للمسطرة ، لم يأتي إلا بعد تقدم أحزاب المعارضة انذاك الاتحاد الإشتراكي، الإستقلال، التقدم والإشتراكية، ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي في ماي 1990 بملتمس الرقابة، ضد حكومة عز الدين العراقي”، والذي وقع عليه 82 نائبا، إلا أن هذا الملتمس لم يحظى بالموافقة نظرا لعدم التصويت عليه بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.

وبالعودة الى الترسانة القانونية لمسطرة ملتمس الرقابة ، لمجلس النواب أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة; ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.

ولا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم. ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.

وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية. وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة، فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه، طيلة سنة ، وفق الفصل 105 من الدستور.

ولمجلس المستشارين بدوره ، أن يُسائل الحكومة بواسطة ملتمس يوقعه على الأقل خُمس أعضائه; ولا يقع التصويت عليه، بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداعه، إلا بالأغلبية المطلقة لأعضاء هذا المجلس.

ويبعث رئيس مجلس المستشارين،على الفور، بنص ملتمس المساءلة إلى رئيس الحكومة ;ولهذا الأخير أجل ستة أيام ليعرض أمام هذا المجلس جواب الحكومة، يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت ، وفق مضامين الفصل 106 من الدستور.

وتطرح دعوة إدريس لشكر ، مدى جدية الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، في المضي قدما في هذه الخطوة البرلمانية ذات البعد الرقابي ، أم ان تلويح القيادي الحزبي يأتي في خضم رمزية سياسية لملتمس يعطي مساحة إعلامية أوسع للمعارضة ضمن تفاعلات الرأي العام .

أسامة طايع


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *