توثيق الحكايات الشعبية بالريف يساهم في صيانة الذاكرة الشفهية

جمع، توثيق ودراسة لحكايات شعبية ريفية، مع نقلها إلى اللغة العربية، يحضر كتاب جديد يطمح إلى الإسهام في صيانة الذاكرة الشعبية المغربية.

بعد اشتغال سابق على الشعر الأمازيغي الريفي، صدر للباحث عبد الصمد مجوقي هذا الكتاب الجديد بعنوان “الحكاية الشعبية الأمازيغية بالريف – عشر حكايات من قبيلة إبقوين”.

ينطلق الكتاب باقتباس للكاتب المالي أمادو أمباطي با، يقول: “كلما مات عجوز في إفريقيا، كأن مكتبة غير مكتشفة احترقت”.

يحكي تقديم الباحث عز الدين بوقيش للدراسة الجديدة، بدايات العمل انطلاقا من نقاشات بغرفة للسكن الوظيفي بقرية “بقيوية” حول الحكاية الشعبية، ويتذكر المقدم تواصل الكاتب مع الساكنة ليجمع هذه الحكايات، من أفواه رواتها.

ويقف التقديم عند صعوبات الجمع، والتزامات استكمال الدراسات العليا التي حالت جون تفريغها والانكباب عليها، إلى أن انكب الباحث مجوقي على ما بدأه قبل عشر سنوات بعد حصوله على شهادة الدكتوراه.

قيمة هذا الكتاب “لا تكمن في توثيقه لهذه الحكايات فحسب”، وفق مقدمه، بل إن “الفرش النظري” يتناول “مجموعة من الإشكاليات التي تهم الحكاية الشعبية، ولعل من أهمها جعلنا الحكايات العجيبة والخرافية والمرحة تندرج ضمن الحكاية الشعبية، وهو أمر قد يثير جل الباحثين، الذين يجعلون الحكاية الشعبية نوعا إلى جانب هذه الأنواع، وليس أصلا تتفرع عنه”.

كما تحدث المقدم عن “مجهود ملحوظ” في هذا العمل في “محاولة استخلاص خصائص السرد في الحكاية الأمازيغية بالريفية، والوقوف عند مميزات السارد فيها، والوقوف كذلك على صيغ الافتتاح والإنهاء فيها”.

وتحمل الحكايات المدونة “الكثير من قيم الريف وعاداته”، وتوثقها “قبل الاندثار”، في “عمل محمود، وإن كان غير كاف، لأن الكثير من تراث الريف معرض اليوم للاندثار”.

وتحدثت مقدمة الكاتب عبد الصمد مجوقي عن العمل الشاق الذي ينتظر الباحث في التراث الشعبي، لأنه “في الغالب الأعم يكون شفويا، مما يحتم على الباحث الاشتغال الميداني لتوفير المادة الخام، التي قد تكون هي بدورها مادة لدراسات متعددة، وبالنظر أيضا إلى أن هذا التراث أهمل إلى درجة أصبح وشيكا من الاندثار، ولاسيما في مناطق لا تزال إلى اليوم لم تخضع للدراسة، ونكاد لا نجد حولها مرجعا واحدا يسعف الباحث أثناء عملية التنقيب والدراسة”.

وسجل الباحث كون “الحكاية الشعبية بالريف” تندرج “ضمن الحكاية الشعبية الأمازيغية” و”لم تنل حظها من الجمع والتوثيق والدراسة. وهذا ما يجعلنا إزاء رقعة جغرافية شاسعة، مما يصعب عملية الجمع والتوثيق، لذلك سنقتصر على قبيلة واحدة، هي قبيلة إبقوين”.

وأضاف: “الحكاية الشعبية الأمازيغية لا تعدو أن تكون جزءا لا يتجزأ من الحكاية الشعبية المغربية، لم تنل ما تستحق من البحث والدراسة، حيث إن الدراسات التي أجريت في هذا الميدان قليلة جدا، رغم المحاولات المحتشمة المبذولة، سواء من طرف الأجانب خلال فترة الحماية وبعدها، أو من طرف المغاربة عامة”.

وائل بورشاشن


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *