ذ لمرابطي:إقرار السنة الامازيغية عطلة سنوية رسمية مؤدى عنها بعد صدور بلاغ الديوان الملكي الذي يعلن قرار الملك محمد السادس في الموضوع، يعتبر قرارا تاريخيا مهما.
إقرار السنة الامازيغية عطلة سنوية رسمية مؤدى عنها بعد صدور بلاغ الديوان الملكي الذي يعلن قرار الملك محمد السادس في الموضوع، يعتبر قرارا تاريخيا مهما.باعتبار أن السنة الامازيغية ليست بمناسبة سياسية أو إيديولوجية؛ بل هي محطة ثقافية تمتد في عمق الثقافة المغربية التي كشف عن بعض معالمها الرئيسة المؤرخ المغربي عبد الله العروي في كتابه ” الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية ” .
فقد عمل المغاربة على إحيائها منذ قرون غابرة؛ وتجسد تعبيرا صادقا عن انتمائهم إلى حضارة البحر الأبيض المتوسط، التي عملت شعوبها على الاحتفاء بها، خاصة شعوب شمال أفريقيا والشعب المغربي بالتحديد الذي استمر في الاحتفال بطقوسها الفلاحية الاصيلة.
هذه الطقوس الزراعية، نظرا لدورها في حياة الإنسان المغربي عبر التاريخ، وما يمثله أيضا المكون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لرأس السنة الفلاحية، هي ما منح لها عن جدارة إمكانية الاستمرار والتجذر المجتمعي .
في سنة 2012 نظمت ندوة دولية حول التعدد الثقافي واللغوي بالمغرب بمدينة الراشدية، شاركت فيها أهم المكونات الحقوقية والمدنية والثقافية بالمغرب، ونخبة المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، وواكبتها بعض التمثيليات الأجنبية عبر سفاراتها بالمغرب، وأتذكر مشاركتي من الحسيمة كفاعل حقوقي بمعية استاذات وأساتذة بارزين من الناظور وأكادير ومن الصحراء المغربية ومراكش…، لكونها كانت من تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أيام 12و13و 14 يناير في السنة المذكورة ، ولما لهذا التاريخ والأيام من رمزية ودلالة، ومن حسنات التاريخ وجمالية أيامه المشرقة، فقد أصبحت توصيات هذه المعلمة الحقوقية والثقافية، بعد أكثر من عقد من الزمن مكتسبا محققا، بل واقعا فعليا على أرض الواقع .
بالعودة إلى بلاغ الديوان الملكي الذي يؤكد أن الملك قد اعطى ” توجيهاته السامية إلى السيد رئيس الحكومة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي السامي “
لذلك يكون من المنتظر هو أن تحسم الحكومة في تاريخ عطلة رأس السنة الامازيغية؛ خاصة أمام وجود اختلاف في إحيائها بين الشعبين المغربي والجزائري، ففيما اعتاد المغاربة على الاحتفال يوم 13 يناير كبداية للسنة الشمسية المتوافقة مع دخول السنة الفلاحية .
فإن الشقيقة الجزائر دأبت على التمسك بتاريخ 12 يناير كرأس للسنة الفلاحية التي أقرتها عطلة رسمية.
يمكن القول في هذا الصدد أن الاختلاف الموجود في تحديد تاريخ اليوم الأول يتجاوز ما هو سياسي ليصبح مبحثا علميا وثقافيا بالأساس ، من هنا نراهن على دور المعهد الملكي للثقافة الامازيغية في القيام بهذه المهمة العلمية، كما على الحكومة المغربية واجب استشارة المعهد الملكي في هذا المجال، باعتباره المؤسسة الثقافية والحقوقية الأكثر تاهيلا وانسجاما مع طبيعة الموضوع؛ لتقديم رأيها العلمي والأكاديمي في هذا الملف، كما جرى بخصوص إشكالية الحرف الأمازيغي المعتمد سنة 2004.
خاصة أمام غياب المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المنصوص عن إحداثه في المادة الخامسة من الدستور؛ والذي أصدرت المحكمة الدستورية قرارها القانوني والإيجابي بخصوص انسجام دوره مع المقتضيات الدستورية؛ خاصة في المادة الثانية من القانون التنظيمي 04/16 المتعلق باللغات والثقافة المغربية؛ والذي لم يفعل بعد، وهي المادة التي تنص على ضرورة إشراك المعهد الملكي في اتخاذ قراراته المناسبة عندما يتعلق الامر بقضايا وطنية كبرى؛ من قبيل القرار الملكي بجعل السنة الامازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار السنتين الهجرية الميلادية.
اترك تعليقاً