كل هذا الجدل من أجل لافتة !
حمًام الشعابي هو حامة طبيعية بين الجبل و البحر تقع في جماعة دار الكبداني بإقليم الدريوش على الطريق الساحلي الرابط بين الحسيمة و الناظور ، حمام الشعابي ليس سوى عين جارية ذات مياه دافئة تخرج من بين الصخور لتصب في شاطئ بحر المتوسط، يقصدها النساء و الرجال من أهالي المنطقة صيفا و شتاء للاستحمام و الإستجمام ، فكان لزاما تنظيم ساعات الولوج و تحديد أوقات مخصصة للرجال و أوقات أخرى للنساء ، النساء يستأثرن بالفترة الصباحية باستثناء يوم الجمعة و الرجال يستغلون الفترة المسائية …
كل الأمور تبدو عادية .. قبل أن تتحرك أقلام بئيسة وألسنة سليطة لتنفث سمومها بغير علم و لا دراية ! جبهة – بالكاد أتذكر إسمها – تقول إن في اللافتة ما يدعو إلى ” نشر الكراهية و التمييز في الفضاء العام، ويعكس توجهات غريبة على المجتمع”
أتساءل أين تتجلى أشكال هذه الكراهية و هذا التمييز هنا ؟
مع الأسف إن الكراهية التي ينكرونها هم من ينشرها بترهاتهم ، أما بخصوص التمييز .. فإذا سلمنا فرضا بأن هذا التنظيم الزمني لساعات الولوج بين الجنسين هو نوع من أنواع التمييز ، فسيكون تمييزا يُحْسَب لسكان المنطقة ويشكرون عليه ، لماذا ؟ لأنه بكل بساطة تمييز إيجابي في مصلحة المرأة و ليس العكس ، لم يكن بإمكان النساء القدوم إلى حامة الشعابي لو لم يتم منع الرجال من ولوج الحامة عبر تنظيم الوقت ، إنه العدل نفسه و في المساواة هنا ظلم لحق المرأة في التمتع بفضاء طبيعي يملؤه الرجال ليلا و نهارا ..و هذا التمييز يعمل به في جميع الحمامات التقليدية و العصرية وليس خاصا بمنطقة الريف، فلِمَ يتم استثناء حمام الشعابي لكونه حامة طبيعية في الهواء الطلق ؟…
قد يقول قائل إن الشاطئ فضاء عام وهو ملك للجميع لا يحق لأي كان أن يحدد مواقيت الولوج إليه و الخروج منه ، أقول إن شاطئ الشعابي ليس كباقي الشواطئ ، فهو شاطئ صغير جدا صعب الولوج متفرد بتلك العين التي تعد متنفسا وحيدا لسكان المنطقة منذ زمن طويل ..
ثم إن المنع من الاختلاط بين الجنسين هو منع متعلق بالحامة و ليس بالشاطئ ، ومسألة فصل الحامة عن الشاطئ هي مسؤولية ملقاة على عاتق المسؤولين و المنتخبين الذين لم يقوموا بواجبهم المتمثل في تأهيل حامة الشعابي و تهيئتها كفضاء طبيعي والترويج لها كوجهة متميزة من الوجهات السياحية بإقليم الدريوش ..
والسلام .
اترك تعليقاً