ست سنوات مضت على تنصيب محمد امهيدية على رأس ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة؛ وهي مدة كافية؛ لمتتبعي الشأن العام المحلي وللرأي العام واهل الإعلام؛ لتشكيل انطباع حول مسار الرجل وهو يدبر جهة بحجم طنجة؛ جهة بتعقيدات اقتصادية واجتماعية خاصة؛ بطموحات متزايدة؛ وايضا جهة بهذا الموقع الإستراتيجي؛ ولكن المعقد أيضا؛ بسبب طبيعة العلاقات مع الجارة الشمالية؛ حيث تارة يسود التوتر هذه العلاقات وتارة الانفراج والتفاهم.
علاقة الرجل بالشمال لم تكن لحظة تعيينه على رأس الجهة؛ بل هي ممتدة إلى تاريخ طويل؛ حيث سبق أن اشتغل عاملا على إقليم الحسيمة في فترة عصيبة؛ تلت مباشرة فاجعة 24 فبراير 2004؛ اي الفترة ما بعد زلزال الحسيمة الذي دمر “الإنسان والمجال” حيث حرص جلالة الملك محمد السادس على ان ينزل بكل ثقله إلى “الميدان” ليس فقط ليتابع بكثب أوضاع رعايه؛ بل من أجل إعادة الإعمار؛ وتهيىئة المجال القابل للتعمير واستقبال البنى التحتية؛ وتشكيل مناطق ومرافق يمكن أن تتجنب المخاطر الطبيعية المحتملة مستقبلا.
واذا كان من لقب يمكن أن يحمله محمد امهيدية؛ فهو لقب “عراب التهيئة” حيث قضى جزءا من مساره المهني على رأس الإدارة الترابية بالشمال في فترات استثنائية جدا؛ ارتبطت بالكوارث الطبيعية؛ ظروف الجائحة؛ إلى جانب الاشتغال على ملفات اقتصادية واجتماعية وثقافية حارقة؛ وفي منطقة يوليها جلالة الملك محمد السادس عناية خاصة لموقعها الاستراتيجي والحساس؛ وتسير بخطى ثابتة نحو بروز قطب جديد في حوض المتوشط من شأنه جلب المنافع الإقتصادية وإعادة توزيعها على المناطق المجاورة بما يشكل تجسيدا حقيقيا للجهوية المتقدمة.
الرجل أبان بحنكة قل نظيرها؛ كفاءة في تدبير العديد من الأزمات وحلحلة ملفات معقدة كانت تحمل في ثنايها بوادر انفجارات عارمة واحتجاجية واسعة بعاصمة البوغاز، مثل تلك المرتبطة بشركة التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء؛ احتجاجات الاسواق اليومية الشعبية التي قادها التجار؛ حيث عمل امهيدية بذكاء خاص وبحسه التواصلي على تجنيب المدينة والجهة تبعات موجة غضب عارم؛ حيث انتصر بدون شرط أو قيد للمواطنين البسطاء ولحقوقهم؛ واضعا مصلحة الوطن والشعب فوق أي اعتبار مما ترك بالغ الأثر على نفوس مختلف الفاعلين والمتدخلين.
وغير بعيد عن مثل هذه الملفات؛ وفي إطار المعركة التي قادها المغرب ضد جائحة كورونا التي اجتاحت المغرب كغيره من بلدان العالم؛ نهج محمد امهيدية؛ كعادته؛ سياسة التواصل المستمر؛ وفضل التواجد في الميدان عوض المكاتب المكيفية والاجتماعات الرسمية؛ حيث عمل بحزم “عسكري” وبمنطق “قائد الصفوف الأمامية في الحروب”؛ حيث أينما وليت وجهك حينها تجد ألرجل يستطلع؛ يستشير؛ يقرر؛ ينفذ؛ تجده في مستشفيات الجهة؛ في المعامل والمصانع؛ في القرى والمدن؛ ساهرا وناصحا ومحفزا؛ وعن قرب؛ على تنفيذ التدابير والإجراءات الإحترازية.
ففي تلك الفترة من انتشار الوباء القاتب عرف الجميع أن سلطات جهة طنجة تطوان الحسسمة وقفت بحزم كبير؛ وسهرت بجد ونكران الذات على تنفيذ تعليمات محمد امهيدية المتعلقة بإجراءات الحجر الصحي والتدابير الاحترازية؛ وذلك بمختلف مدن وقرى المنطقة؛ وهو الحزم الذي شمل مختلف الفضاءات العمومية التي يرتادها عدد كبير من المواطنين؛ مثل الأسواق والمحلات التجارية الكبرى؛ الملاعب وقاعات الرياضة والمصانع،ط… كما كان الرأي العام شاهدا على تواجد الرجل بشكل مستمر بالمستشفى الميداني بطنجة والحسيمة المخصص لاستقبال ضحايا كوفيد 19؛ حيث كان يتابع تطورات الوضع الضحي ومؤشراته بيقضة فائقة.
وارتباطا بريادته في مجال التهيئة فقد عمل محمد امهيدية على تهيئة وترميم العشرات من المواقع والفضاءات التاريخية بالجهة؛ واضعا الارث الثقافي والحضاري ضمن المداخل الأساسية للتنمية؛ حيث حرص على دمج المدينة العتيقية لطنجة والمواقع الاثرية بالحسيمة وتطوان في مخططات التهيئة المجالية وبالموازاة مع البرامج السياحية المحلية والوطنية؛ وايضا بشكل متناسق مع مخططات التهيئة المجالية وفتح مناطق جديدة للتعنير والاسكان والانشطة الاقتصادية والصناعية ومركبات الحرف والصناعة التقليدية؛ واضعا نصب عينيه تحت العدالة المجالية وتقنيات التسويق الترابي.
الجانب الإجتماعي بالجهة حظي بلمسة خاصة واستثنائية من طرف الوالي امهيدية؛ حيث ذهب البعض الى وصفها باللمسة العقلانية لأنه فضلا عن المساعدات المباشرة للمحتاجين والفقراء فإنه حرص على تنفيذ المرحلة الثالثة من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ وبرامج الاقتصاد التضامني والاجتماعي حيث شهدت الجهة في عهد هذا الرجل الاستثنائي ميلاد سلشلة من المركبات المهنية والحرفية وفضاءات عرض المنتوجات المجالية والصناعة التقليدية في خطوة واثقة نحو ادماج الفئات الهشة في النسيج الاقتصادي ونمكينها من دخل اقتصادي قار ودائم؛ وبالخصوص نساء العالم القروي او ذوي الاحتياجات الخاصة.
الرجل ومحفوفا بطاقم اداري متمرس؛ استطاع ان يبتكر اسلوابا وتدبيرا جديدا وهو على رأس الادارة الترابية بالجهة؛ تدبير تمثل بشكل حقيقي واسترافي اضلاع التنمية؛ التي حاول أن يمنحها نفس الاهتمام؛ وبكل متوازي؛ حيث اقتنع بان التنمية هي تلك التي تلامس تطلعات وطموحات الانسان اجتماعيا؛ اقتصاديا وثقافيا؛ وبما يضمن السكينة والامن لهم؛ مما جعل منه رجل سلطة بمفهومها الجديد؛ كسب من خلاله اعجابا وتقديرا خاص من الفاعلين والمواطنين على حد سواء؛ حيث عمل على حمل مسؤولية تدبير شؤون هذه الجهة الواعدة باقتدار كبير خاصة؛ وانه يعلم حجم تطلعات الساكتة ورهانات التنمية بجهة نخر اقتصادها التهريب لعقود من الزمن.
فما أن تولى السيد امهيدية تدبير ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة حتى اطلق دينامية خلقت زخما قل نظيره؛ وفي وقت قياسي؛ حيث أطلق وبتنسيق مع عمال الاقاليم والمجالس المنتخبة والفاعلين الاقتصاديين وغرف المهنيين وفعاليات المجتمع المدني العشرات من المشاريع المتعثرة أو التي عرفت تاخرا في الأشغال، بالإضافة إلى المشاريع التي تمت برمجتها من جديد وقطعت اشغالها أشواطا مهمة؛ خاصة تلك التي تتعلق بالبرامج الملكية مثل برنامج التهيىة المجالية “الحسيمة منارة المتوسط” وغيرها من البرامج الملكية او.الحكومية التي تهم قطاعات السياحة؛ الثقافة؛ والاقتصاد.
اترك تعليقاً